السيد
الدكتور محمد عبد الستار السيد وزير الأوقاف ، سماحة الأستاذ
الدكتور أحمد بدر الدين حسون مفتي الجمهورية العربية السورية ،
سماحة الأستاذ الجليل المحتفى به و المكرم العلامة الجليل
شيخنا الشيخ عبد الرزاق الحلبي ، السادة العلماء الأجلاء ،
الإخوة الحضور .
دعوني
أتوجه أولا ً باسمي و باسمكم إلى الله عز وجل لنشكره و لنجعل
من شكري له فاتحة حديثي في هذه الدقائق ذلك لأن الله عز وجل
ولي ّ كل نعمة و هو مصدر كل توفيق و من ثم ينبغي أن نتجه
بالشكر إلى السيد وزير الأوقاف الذي شاء أن يجعل من تكريمه
لعالمنا الجليل هذا فاتحة سلسلة اهتماماته بهذا المسجد الجامع
الأغر و إنها لسلسة بدأت و أعتقد أنها لن تتوقف إلى أن يعود
هذا المسجد الجامع فينهض برسالته التي طالما امتدت اشراقتها
إلى ربوع العالم العربي و الإسلامي بل تجاوزته إلى العالم كله
و لكن دعوني بعد ذلك أتساءل ؟
ما
العلاقة بين هذه المهام الذي يشرُف السيد وزير الأوقاف
بإعادتها سلسلة مستمرة لإحياء هذا المسجد و إعادته إلى القيام
برسالته التي طالما قام بها ، ما العلاقة بينها و بين تكريم
شيخنا و عالمنا الجليل ؟
الجواب أيها الأخوة :
عشرات
السنوات مرت بهذا المسجد الجامع مسجد بني أمية الأغر و هو يشهد
سلسلة حلقات العلم التي امتدت إلى يومنا هذا يعقدها هذا العالم
الجليل ، هذه السلسلة ضياء مستمر وصل الماضي بالحاضر و لسوف
يصله بالمستقبل إن شاء الله تعالى ، و ما بزغ فجر يوم على هذا
المسجد إلا و شهد فيه ثلة من طلاب العلم وفدوا من سائر الجهات
و من مختلف البلدان يحدقون بهذا العالم الجليل القدر ، يتلقون
منه مع فجر كل يوم شتى علوم الشريعة المختلفة ، هذه هي العلاقة
السارية بين المهام الكثيرة بل بين سلسلة المهام التي ينهض بها
وزير الأوقاف لإعادة هذا المسجد إلى حياته النابضة و إلى
القيام برسالته المشرقة و بين تكريم عالمنا و شيخنا الجليل هذا
و الأن أيها السادة ، ما هو المعنى الأقدس الذي يتركه تكريم
السيد وزير الأوقاف لهذا العالم الجليل ؟ بل ما هو المعنى
الأقدس الذي ينبغي أن نجنيه من حلقات العلم التي كانت و لا
تزال روح هذا المسجد ؟
أستطيع أن ألخص هذه المعاني في أمرين اثنين :
الأمر
الأول : هو أن نعلم جميعا ً أيها الأخوة أن نهضة هذه الأمة
لن تعود إلى ما كانت عليه إلا بدعامة ٍ واحدة ٍ لا ثاني لها
ألا و هي دعامة العلم ، و إذا قلت العلم فينبغي أن اُذكر نفسي
و أن اُذكركم بأن سائر فنون العلوم المختلفة تطوف بالتطواف
الدائم حول مطاف واحد حول محور واحد ألا و هو العلم بالشريعة
الإسلامية و العلم المقرب إلى الله سبحانه و تعالى هذا هو
المعنى الأول الذي ينبغي أن نتبينه .
أما
المعنى الثاني : فهو ذاك الذي يلفت أنظارنا جميعا ً إلى
أننا نطمح إلى اليوم الذي يُعبد ُ فيه الطريق بين العلم و
الفكر دون وساطة دون وساطة شهادة دون وساطة شكليات أنتم
تعلمونها و تعرفون نتائجها ، ولـَـكم تركت هذه الوسائط الشكلية
الروتينية تركتنا أما مظهر رأينا فيه كيف يتصالح العلم مع
الجهل بدلا ً من أن يسمو العلم و يتطهر من شوائب الجهل ، هذه
الرسالة التي ينبغي أن تعيد مسجدنا الأموي الكبير و الأغر لحمل
رسالته ، يحملنا على التنبه إلى هاتين الحقيقتين أيها الأخوة ،
و الآن إنها جهود مشكورة أيها السادة ، أقولها باسمي و باسمكم
جميعا ً جهود مشكورة لعالمنا الجليل لشيخنا العلاّمة الشيخ عبد
الرزاق الحلبي على ما بذل و بذر في هذا المسجد ، و إني لأتصور
أن هذا البذار يُستنبتُ بيد العناية الإلهية ، بل أقول ها هو
البذار قد نبت و اشتد و قام على سوقه و ها هي ذي الحلقات
العلمية تكاثرت و لا تزال تتكاثر مع مساء كل يوم حلقات يتجه
فيها طلاب العلم من أنحاء العالم المعمور ينتزعون فيها العلوم
المختلفة ، و لقد قلت لكم كل العلوم تدور بالتطواف حول محور
علمي واحد ألا و هو التقرب إلى الله سبحانه و تعالى .
ما
الذي بقي إذن أيها السادة ؟ بقي شيء واحد هو أجل ّ و أهم من كل
ما قد ذكرت ، هذا الشيء الذي بقي هو أن نتوج جهودنا هذه بتاج
الصدق مع الله و الإخلاص لوجه الله سبحانه وتعالى ، بقي أيها
السادة أن يعاهد كل واحد منا في هذه الساعة المباركة نفسه أمام
الله عز وجل ، أن يعاهد الله عز وجل أن يضع مصالحه الشخصية و
كل أهوائه و رغباته النفسية وراءه ظهريا ، و أن يتوجه بهذا
الذي ينشط فيه شطر غاية واحدة لا ثاني لها ألا وهي استنزال
مرضاة الله سبحانه و تعالى ألا و هو التحقق بحقائق العبودية
لله سبحانه و تعالى ، و لعل هذا التكريم لشيخنا الأجل ّ هذا ،
سيكون براعة استهلال و سيكون ساعة قدسية نعاهد الله عز وجل
جميعا ً أن نتعامل معه و لا نتعاون مع أي شيء سواه أقول قولي
هذا و أستغفر الله العظيم و السلام عليكم .